كتاب الصوم
الثلاثاء, 06 فبراير 2024 08:01

 

(الحلقة الثانية)

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله وهو الحق:

{شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة البقرة، الآية: 185).

1 - معنى الصوم، وحكمه، وفضله، وثبوت الرؤية:

يطلق الصوم والصيام في اللغة على الإمساك: قال تعالى على لسان مريم ابنة عمران: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أي إمساكا عن الكلام؛ وفي الشرع كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح: إمساك مخصوص، في زمن مخصوص، عن شيء مخصوص، وبشرائط مخصوصة. أو هو كما قال القرطبي في تفسيره: إمساك عن الأكل، والشرب، والجماع؛ ما بين طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، بنية التعبد لله تعالى.

فرض رمضان أَوَّلاً على وجه التخيير بينه وبين أن يطعم عن كل يوم مسكينا؛ ثم نقل من ذلك التخيير إلى تحتم الصوم وبقيت رخصة الإطعام للشيخ الكبير والمرأة إذا لم يطيقا الصوم.

وكان الصائم إذا نام قبل أن يطعم حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القابلة فنسخ ذلك -بفضل الله- وقال جل وعلا: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} (سورة البقرة، الآية: 187).

2 - حكمه:

ينقسم الصيام إلى: فرض وتطوع.

وصوم الفرض -الذي يهمنا- هو صوم رمضان، وصوم الكفارات: اليمين، الظهار، وصوم النذر.

أ - الصيام كفارة:

قال الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ، فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ ِبهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَاِمَلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (سورة البقرة، الآية: 196).

وقال جل ثناؤه: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (سورة النساء، الآية: 92).

وقال العليم الحكيم: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُّؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ َتْحِريرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَ حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة المائدة، الآية: 89).

قال السميع العليم: {يَاأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ َفَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزُ ذُو انتِقَامٍ} (سورة المائدة، الآية: 95).

وقال اللطيف الخبير: {وَالذيِنَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمًّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَنْ يَّتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَنْ يَّتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعاَمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (سورة المجادلة، الآيتان: 3-4).

وروى البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ».

* طالع في الحلقة القادمة:

صوم رمضان