ما يبطل الصيام ولا يوجب الكفارة
الأربعاء, 21 فبراير 2024 08:01

 

(الحلقة الخامسة)

1- الأكل والشرب عمدا يوجب كل منهما القضاء بغير كفارة.

قلت: فالفطر بدون عذر شرعي يعرض صاحبه لغضب الجبار سبحانه وتعالى وعذاب النار وهو أشر كما قال الإمام البيهقي من الزنا وشرب الخمر.

واتفق الفقهاء جميعا على أن المفطر عمدا بغير عذر شرعي يجب عليه القضاء ولكنهم اختلفوا في وجوب الكفارة في حقه:

فذهب الإمام مالك ـ رحمه الله ـ في المشهور عنه إلى القول بوجوب الكفارة على كل ما كان هتكا للصوم إلا الردة.

وحكي عن عطاء، والحسن، والزهري وسفيان، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق: أن الفطر بالأكل والشرب يُوَجِّبُ ما يوجبه الجماع: يعني القضاء والكفارة.

وهو رواية عن أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ إلا أنه اعتبر ما يتغذى به أو يتداوى به في وجوب الكفارة، وعليه فلو ابتلع غير ذلك فلا كفارة عليه.

وقال عبد الملك من المالكية : من أكل ناسيا أو شرب ثم أكل متعمدا في يومه ذلك فلا كفارة عليه فإن جامع عامدا في يومه ذلك كَفَّرَ. (الكافي في فقه أهل المدينة المالكي لابن عبد البر، ص125).

وذهب جمهور الفقهاء إلى أن المفطر عمدا بالأكل والشرب لا يجب عليه إلا القضاء. والجمهور هم: الشافعية، والحنابلة وهو رواية عن مالك وأبي حنيفة وبه قال: سعيد ابن جبير، وابن سيرين، والنخعي، وداود، وحماد بن أبي سليمان.

وقال الجمهورلا يوجد نص ولا إجماع على وجوب الكفارة على المفطر بالأكل والشرب عمدا بغير عذر شرعيوقالوا: أن القياس في العبادات باطل أصلا والواجبات لا تكون إلا بدليل شرعي.

وعلى هذا لا يصح قياس الأكل والشرب على الجماع لأن الحاجة إلى الزَّجْرِ عن الجماع أَمَسَّ والحكم في التعدي به أكَّدَ ويَفْسُدُ به الحج ـ أي الجماع ـ دون باقي محذوراته، وأوجبت الفدية في الجماع لأنه يفسد صوم اثنين.

وقول الجمهور بأن لا كفارة إلا في الجماع وحده هو الذي رجحته ـ باختصار ـ في الطبعة الأولى من هذا الكتاب وأنكره علي بعض المتعصبين لمذهبهم. وما توفيقي إلا بالله.

وأما الأكل والشرب ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم-كما رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وباقي الجماعة؛ من طريق أبي هريرة-: «مَن نَّسِيَ وَهْوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا اللَّهُ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ». وعنه أيضا أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلاَ كَفَّارَةَ». رواه الدارقطني، والبيهقي، والحاكم؛ وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح.

2القيء عمدا:

عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ». رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم؛ وصححه.

3- الحيض والنفاس: (وقد تقدم ذكرهما).

4- الاستمناء؛ مع فعل ما يوجبه.

5- تناول ما لا يُتَغَذَّى به من المنفذ المعتاد إلى الجوف، كابتلاع حجر وما أشبه ذلك.

6- من عقد العزم على الفطر وهو صائم بطل صومه -وإن لم يتناول مفطرا- لأن النية ركن من أركان الصيام كما تقدم ذكره.

 

ما يبطل الصيام ويوجب القضاء والكفارة

الجماع -لا غير- هو الذي يوجب القضاء والكفارة معا؛ لما رواه البخاري، ومسلم، واللفظ له؛ مع باقي الجماعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال-: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكتُ يا رسول الله. قال:«وَمَا أَهْلَكَكَ»؟ قال: وقعتُ على امرأتي في رمضان. قال: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً»؟ قال: لا. قال: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَن تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»؟ قال: لا. قال: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا»؟ قال: لا. قال: ثم جلس، فأُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فيه تمر، فقال: «تَصَدَّقْ بِهَذَا» قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ».

 

* طالع في الحلقة القادمة: قضاء رمضان