دخول مكة والطواف
الاثنين, 22 أبريل 2024 07:16

 

(الحلقة الثانية)

1 - قال جابر -كما رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي، والطيالسي، وابن سعد، والبيهقي، وأحمد-: حتى إذا أتينا البيت معه صبح رابعة مضت من ذي الحجة؛ وفي رواية: دخلنا مكة عند ارتفاع الضحى.

2 - فأتى النبي صلى الله عليه وسلم باب المسجد فأناخ راحلته، ثم دخل المسجد؛ كما رواه ابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي.

3 - استلم الركن -وفي رواية: الحجر الأسود- كما رواه أحمد، وابن الجارود.

قلت: واستلم الركن اليماني -أيضا- في هذا الطواف -كما في حديث ابن عمر- ولم يُقَبِّلْهُ؛ وإنما قبل الحجر الأسود وذلك في كل طواف. والسنة في الحجر الأسود تقبيله؛ فإن لم يتيسر استلمه بيده وقَبَّلَهَا، وإلا استلمه بنحو عصا وقبلها، وإلا أشار إليه. والأركان الثلاثة الباقية لا يستلم منها إلا الركن اليماني من غير تقبيل.

        ويسن التكبير عند الركن الأسود في كل طوفة كما رواه البخاري عن ابن عباس قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبر.

        وروى البيهقي موقوفا بسند صحيح أن ابن عمر كان إذا استلم الحجر قال: باسم الله والله أكبر.

4 - قال جابر -كما رواه مسلم، والنسائي، وابن الجارود، والبيهقي-: ثم مضى عن يمينه.

5 - فَرَمَلَ حتى عاد إليه -كما رواه أحمد- وروى الطحاوي: ثلاثا، ومشى أربعا على هيئته.

        وفي الثلاثة الأُوَلِ من طوافه هذا: كان يسرع في مشيه ويقارب بين خطاه واضْطَبَعَ بردائه فجعل طرفيه على أحد كتفيه وأبدى كتفه الأخرى ومنكبه، وكلما حاذى الحجر الأسود أشار إليه، أو استلمه بِمِحْجَنِهِ وَقَبَّلَ المحجن.

        قلت: المحجن عصا محنية الرأس.

        ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الطواف من الدعاء إلا ما رواه الشافعي، وأحمد، وأبو داود، وعبد الرزاق في "المصنف" أنه كان يقول بين الركنين اليمانيين: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ».

        وروى مسلم عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت، وبين الصفا والمروة؛ ليراه الناس، وليشرف، وليسألوه؛ فإن الناسَ قد غَشُوهُ.

        والجمع بين أحاديث السعي ماشيا وراكبا هو -كما قال ابن قيم الجوزية- أنه سعى ماشيا أَوَّلاً، ثم أتم سعيه راكبا.

قلت: ويشهد لهذا القول ما رواه مسلم عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا، أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون أنه سنة. قال: صدقوا وكذبوا. قال: قلت: ما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس يقولون: هذا محمد، هذا محمد، حتى خرج العواتق من البيوت قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُضْرَبُ الناسُ بين يديه. قال: فلما كثر الناس عليه ركب. والمشي والسعي أفضل.

        وأخرج البغوي في "شرح السنة" والبيهقي بسند صحيح من حديث ابن قدامة بن عبد الله بن عامر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة على بعير لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك!! ومعنى إليك إليك: أي تَنَحَّ، وزاد الطَّيِّبُ فقال: أي ما كانوا يضربون الناس ولا يطردونهم ولا يقولون تنحوا عن الطريق كما هو عادة حراس الملوك والجبابرة في زمننا هذا.

6 - فلما فرغ من طوافه جاء إلى خلف مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ ورفع صوته يُسْمِعُ الناسَ -كما رواه النسائي-: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (سورة البقرة، الآية: 125).

7 - فجعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين -كما رواه أحمد، والبيهقي- فكان يقرأ بعد الفاتحة -كما رواه النسائي والترمذي-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}. وفي رواية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.

8 - ثم ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه كما رواه أحمد.

9 - ثم رجع إلى الركن فاستلمه.

 *طالع في الحلقة القادمة: 

الوقوف على الصفا والمروة