مبطلات الصلاة
السبت, 09 نوفمبر 2024 07:31

(الحلقة التاسعة عشرة/ الأخيرة)

تبطل الصلاة -وتجب إعادتها- بقولٍ أو فعلٍ مما يأتي:

1- الكلام العمد مع الذكر؛ لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنا نتكلم في الصلاة؛ يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾فأمرنا بالسكوت ونُهينا عن الكلام.204

ـ ولحديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه، وفيه: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِن كَلاَمِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ».205

2- الضحك بصوت يسمعه المصلي أو غيره، وهو ما يعبر عنه بالقهقهة؛ ونقل ابن المنذر الإجماع على أن الضحك يفسد الصلاة.

3- الأكل والشرب؛ ونقل ابن المنذر -أيضا- الإجماع على أن من أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدا فعليه الإعادة.

4- انكشاف العورة عمدا؛ لأن من شروط الصلاة ستر العورة، فإذا عدم الشرط عمدًا -بدون عذر- بطل المشروط، وهو هنا الصلاة.

5- الانحراف الكثير عن جهة القبلة من دون عذر؛ لأن استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: «إذا قمت إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ».206

6- العبث الكثير المتوالي لغير ضرورة.

7- انتقاض الطهارة؛ لأنها شرط من شروط الصلاة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه، وفيه «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».207

ولحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يرفعه، وفيه: «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طَهُورٍ».208

8- ويُبطِلُ الصلاة –أيضا- ما ذكر فيما رواه أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: «يَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ -إِذَا لَمْ يَكُن بَيْنَ يَدَيْهِ كَآخِرَةِ الرِّحْلِ-: الْمَرْأَةُ ]الحائض[وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الأَسْوَدُ» قال أبو ذر: يا رسول الله ما بال الأسود من الأحمر؟ فقال: «الْكَلْبُ الأَسْوَدُ شَيْطَانٌ».209

 وهذا الحديث يعارضه حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه تحت عنوان: "من قال: لا يقطع الصلاة شيء" وساق تحت هذا العنوان: عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ -الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ- فَقَالَتْ: شَبَّهْتُمُونَا بِالْحميرِ وَالْكِلَابِ! وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَإِنَّنِي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً فَتَبْدُو لِي الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ فَأُوذِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنسَلُّ مِنْ عِندِ رِجْلَيْهِ. 210

وتبطل أيضا بترك المصلي ركنا من أركانها عمدا أو سهوا إن لم يتداركه، أو شرطا من شروطها عمدا لغير عذر شرعي، وكذلك من تعمد ترك شيء من واجباتها لغير عذر.

وهذه الأركان والشروط والواجبات هي المبسوطة في هذا الكتاب النافع إن شاء الله تعالى.

ولله الحمد من قبل ومن بعد؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

204- أخرجه: مسلم في باب الكلام في الصلاة.

205- أخرجه: مسلم في صحيحه.

قلت: قال ابن المنذر في كتاب الإجماع: وأجمعوا على أن من تكلم في صلاته عامدا وهو لا يريد إصلاح شيء من أمرها فصلاته فاسدة.

206- رواه: البخاري ومسلم والسراج.

207- أخرجه: البخاري ومسلم وغيرهما.

208- رواه مسلم.

209- رواه: مسلم وأبو داود وابن خزيمة.

210- قلت: وقد اختلف العلماء في العمل بهذين الحديثين –حديث أبي ذر وحديث عائشة- فمنهم من سلك مسلك النسخ وقال إن حديث عائشة رضي الله عنها ناسخ، ومنهم –كالإمام الشافعي- من تأول حديث أبي ذر، وقال إن المراد بالقطع نقص الخشوع لا الخروج من الصلاة. وخالف بعضهم هذا القول فقال: حديث أبي ذر مقدم؛ لأن حديث عائشة على أصل الإباحة، وقال أحمد: يقطع الصلاة الكلب الأسود؛ وفي النفس من الحمار والمرأة شيء. وجزم بعض الحنابلة بالعمل بحديث أبي ذر المتقدم وقال: إن المرأة يقطع الصلاة مرورها دون لبثها. ويظهر لي أن ما قاله الحنابلة أقرب للصواب؛ لأنه العمل بالحديثين معا. والله أعلم.