II. الزكاة في الإسلام
الثلاثاء, 15 فبراير 2022 07:17

 

(الحلقة الخامسة)

1- الزكاة في العهد النبوي: مرت بمرحلتين مهمتين: الأولى في العهد المكي والثانية في العهد المدني:

ـ الزكاة في العهد المكي:

        اهتم القرآن بالجانب الاجتماعي منذ بزوغ فجر الإسلام فقد تتابعت الآيات القرآنية التي نزلت في مكة في أوائل النبوءة تحث على البر والإحسان وتحرير الأرقاء والعطف على الأيتام والمساكين.

يقول الرحمن الرحيم في سورة (وهي مكية):

{فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْمَرْحَمَةِ} البلد (الآيات 11-17).

ويقول الرؤوف الرحيم في سورة الضحى (وهي من أوائل ما نزل من القرآن):

{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ} (الآيتان: 9-10).

ويقول في سورة المعارج: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (الآية: 24).

ويقول في سورة المزمل: {… وَأَقِيمُواْ الصلاة وَءَاتُواْ الزكاة وَأَقْرِضُواْ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا…}  (الآية 20).

فائدة: وعناية بعض النصوص المكية وإلحاحها على البر ورعاية المسكين وأداء حق السائل والمحروم وإعطاء الزكاة تشريع عام ومطلق؛ إذ لا يفهم منه إيجاب تلك الزكاة وتأثيم تاركها؛ بل الأمر متروك لعطف الأغنياء وإحسانهم، وبهذا تتساوى -في العهد المكي- مع ما كانت عليه في الأديان السابقة.

ـ الزكاة في العهد المدني:

        فرضت الزكاة في شهر شوال من السنة الثانية للهجرة النبوية وهذه الزكاة تختلف عما حث عليه الإسلام في العهد المكي؛ إذ هذه الزكاة  ركن من أركان الإسلام ودعامة من دعائم الإيمان وإيتاؤها -مع إقامة الصلاة والشهادة لله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة- عنوان على الدخول في الإسلام واستحقاق أُخُوَّةِ المسلمين..

        يقول الله تعالى: {… فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصلاة وَءَاتَوُاْ الزكاة فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ…} (سورة التوبة الآية 5).

        ويقول العليم الخبير{… فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصلاة وَءَاتَوُاْ الزكاة فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (سورة التوبة، الآية 11).

        وقد حدد الإسلام في العهد المدني الأموال التي تجب فيها الزكاة، والحد الأدنى لما تجب فيه الزكاة، ومتى تجب الزكاة في المال، والمقدار الذي يجب إخراجه، ومصارفها. وقد تضافرت النصوص من الكتاب والسنة في إيضاح أحكام الزكاة، حتى أصبح الأمر واضحا جليا للمسلمين.

        وَبَيَّنَ رسول الله  صلى الله عليه وسلم حكم ما أجمله القرآن من أحكامها وحدد الأموال التي تجب فيها الزكاة ومقدار الواجب فيها والشروط التي يجب توفرها وكان يتولى صلى الله عليه وسلم جمعها وتوزيعها على مستحقيها ممن ذكرتهم الآية الكريمة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (سورة التوبة، الآية 60).

 

*طالع في الحلقة القادمة: الزكاة على عهد الخلفاء الراشدين