(الحلقة الثامنة)

 د- الزكاة في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه

        بويع علي رضي الله عنه بالخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه -ظلما وعدوانا- بخمس ليال وكان مكرها على تحمل مسؤوليات الحكم في وقت عصيب درءًا للانقسام والاختلاف ودفعا لشر هؤلاء الجاثمين على صدر المدينة يحصون على الناس أنفاسهم، وأيديهم لا تزال ملطخة بدم الخليفة عثمان رضي الله عنه.

        ورغم الاضطراب السياسي الذي حدث في خلافته رضي الله عنه إلا أن سيرته العطرة مليئة بالأحداث الواقعية والشواهد الحية التي تثبت وتوضح اهتمامه الكامل بالزكاة وتطبيقها وفق ما سار عليه سلفه الصالح. لقد كان من هديه رضي الله عنه أن يوزع جميع أموال الصدقة التي في بيت المال ويغسله ثم يصلي فيه ركعتين ليشهد له يوم القيامة (حلية الأولياء 1/81) وثبت عنه رضي الله عنه كما في "صفة الصفوة" للشعراني (1/30) أنه كان يبيع سيفا له في السوق ويقول: من يشتري مني هذا السيف؟ فوالذي فلق الحب لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان عندي ثمن إزار ما بعته.

قلت: وفي هذه القصة أكبر دليل على عفته وبعده التام رضي الله عنه عن أخذ الزكاة وغيرها من أموال المسلمين فكيف لا وهو رضي الله عنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته رضي الله عنها ومن أهل بيته!!.

(اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).

        - وعن عمر_و بن قيس أن عليا رضي الله عنه رئي عليه إزار مرقوع، فعوتب في لبوسه فقال: يقتدي بي المؤمن ويخشع له القلب (صفة الصفوة 1/308).

هـ - الزكاة في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه

منذ تولي عمر بن عبد العزيز الخلافة حرص على الاقتداء بسيرة الخلفاء الراشدين في كل شؤون الحكم. وقد عرف –رضي الله عنه- بالاهتمام بجمع أموال الزكاة، وتوزيعها على مستحقيها؛ باحثا عنهم في كل مكان.

وقد ظهرت نتائج إصلاحات عمر بن عبد العزيز، واهتمامه بفريضة الزكاة في المجتمع الإسلامي الكبير، وتحقق مجتمع الكفاية والعدل والرفاهية، واختفت مظاهر الفقر والعوز، واطمأن الناس في كل رقعة من المملكة الواسعة، حتى عز وجود من يستحق الزكاة ويقبلها.

وبعد ما عرجت عليه من تاريخ الزكاة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي عهد خلفائه الراشدين رضي الله عنهم، سأحاول فيما يلي حصر الأموال التي تجب فيها الزكاة في الوقت الحاضر؛ على الأفراد والجماعات.

* طالع في الحلقة القادمة: زكاة الثروة الحيوانية